الخميس، 16 يوليو 2009

Madain Saleh مدائن صالح

تعد مدائن صالح من أقدم الآثار وأشهرها وأعظمها عبرة، ومدائن صالح تقع بالقرب من مدينة تبوك في شمال المملكة العربية السعودية، وتشمل عدة كهوف ومقابر منحوتة في الجبال لأقوام حكموا شعوب هذه المنطقة من آشوريين وأنباط ورومان وعرب، كما ارتبطت المدائن بقوم ثمود الذين عايشوا النبي صالح.وأول انطباع لدى زائر هذه المدينة هو الرهبة والخشوع رغم مرور عهود طويلة على هلاك قومها والذين ورد ذكرهم في القرآن الكريم (ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين وآتيناهم آياتنا فكانوا عنها معرضين، وكانوا ينحتون من الجبال بيوتاً آمنين فأخذتهم الصيحة مصبحين، فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون)، وكان أول ذكر لقوم ثمود في نقش الملك الآشوري سرجون الثاني (721- 705 ق. م) حيث سجل في هذا النقش انتصار الملك الآشوري على قبائل ثمودية في شمال الجزيرة العربية.مدخل المدائن وحينما تدخل مدائن صالح ترى كأنك مقبل على كتلة جبلية واحدة متراصة بعضها متشابك في بعض، وهذه الكتلة هي سلسلة جبال (الأناصف) والفرق بين هذه الكتلة والأخرى هو بعض انخفاض بسيط في قممها بحيث ترى أن منظر (الأثالث) أقل في الارتفاع من الجبال النصفية، لكن إذا ولجت داخل مدينة الحجر وجدت نفسك بين جبال متقطعة كل جبل على حدة، ويفصل بين كل جبل وآخر شارع مستقيم إلا أن الرمال المتكاثفة تغطي الشارع كله تقريباً في بعض الأماكن،وتارة ترى بين كل ثلاثة جبال أو أربعة شارع، والشوارع كلها منظمة وفسيحة كأنها قد خططت في العصر الحاضر، ثم ترى الجبال منفصلة عن بعضها انفصالا فنيا.صدق الله وأخطأ معاوية هذه جملة خالدة قالها معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه عندما قصد الحج إبان حكمه ومر على مدائن صالح وقال خلال سيره: أين الزورع والنخيل وأين المياه والعيون وأين الجنات والفواكه، والله سبحانه وتعالى يقول في أهل هذه الديار (كم تركوا من جنات وعيون).ويقول العلامة (حمد الجاسر) يرحمه الله – إن صالحاً هذا رجل عباسي مسلم وأن منطقة مدائن صالح كانت معروفة ومسكونة وباقية إلى ما بعد القرن الثالث الهجري،ويدل على ذلك ما نقش على آثارها وقد سميت بهذا الاسم بعد أن كان اسمها ( الرحبة )وخلال جولتنا في هذه الديار وجدنا أنفسنا بين آلاف الجبال المنفصلة عن بعضها بشكل هندسي رائع حتى تخيل لنا أننا نمشي بين شوارع من جبال وكل جبل منها منحوت بنقوش غاية في الدقة والإتقان.المدائن.. وذكاء العرب يقول المؤرخ محمد عبد الحميد مرداد في كتابه ( مدائن صالح )..( أن مدائن صالح هي بلاد عربية نحتت بأيد عربية تشهد للعرب بالذكاء وشدة الحذق وبطولة الاختراع وسلامة الذوق وحسن التفكير، وأنه في تجواله بهذه المدائن قد رأى أشباحاً ورسوماً وكهوفاً وأراضي سائخات وجبالاً ملونة بعضها أحمر وبعضها رمادي، كل جبل منها يعبر عن سكنى عائلة مستقلة عن الأخرى).ولا ترى النقوش على وجه الجبال إلا في داخلها أو على قممها أو ما كان معدا للزينة والتحفة، ثم ترى مداخل البلاد من طريق (العلا) كأنك داخل على جبال مقوسة أو شوارع منظمة كما يسمى في الوقت الحاضر بأقواس النصر، كما أن الجبال التي على حافة مداخل البلد مشطورة نهائياً كأنها قسمت بسيف حاد حتى لا يزدحم الناس بالدخول، وتشاهد مداخل شارع مجالس السلطان مرتفعة ومنحوتة نحتاً رائعاً، وهذا المدخل الرئيسي المؤدي لمجالس السلطان أعظم روعة من المجالس السابقة.مدائن صالح.. مدينة الرحبة ومدائن صالح سميت في عهد الرسول عليه الصلاة و السلام بمدينة (الرحبة) وقد مرّ عليها في طريقه إلى غزوة تبوك، وكان اتباعه قد نزلوا بها وأعدوا فيها الطعام، فلما علم الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك أمرهم بالكف عن الطبخ وأن يقدموه للإبل مع الرحيل من ذلك المكان، وقال لهم صلى الله عليه وسلم – كما جاء في صحيح مسلم (لا تدخلوا على هؤلاء القوم المعذبين إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم، أن يصيبكم ما أصابهم).ويشاهد عند مدخل كل جبل دهليز مفرغ، ثم سلم من الصخر يصعد إلى بعض المجالس الجبلية وبعض المصاعد التي توصل إلى غرف واسعة، أمامها مقدمة جبلية فيها نحت كالشباك تطل منه على نوافذ صغيرة يدخل منها نور وشمس وريح، حتى أن الهواء إذا انطلق بشدة في جوف هذه الجبال يخيل إلى الزائر أنه أصوات موسيقية،كما يشاهد على المداخل ونوافذ معظم الجبال نقوشاً قديمة الحفر، وبعض الكتابة "الثمودية " كأنها توحي باسم صاحب الجبل المنحوت وأفراد عائلته وتاريخ نحته.حكاية الناقة.. والوادي المشؤوموعند مدخل المدينة بعد اجتياز سهول أودية يطلق عليها (أودية المعظم) القريبة من الشام يرى الزائر جبلا شامخا رفيعا منفصلا عن بقية الجبال يسمى بجبل (الحوار) أي فصيل الناقة التى عقرها قوم نبي الله صالح عليه السلام بعد أن طعنها "قدار بن سالف"، وسبب عقر الناقة كما قال ابن كثير وابن جرير وأصحاب التاريخ قالوا: أن قدار يهوى(قطام) – ومصدع يهوى (قبال) فيجتمعان بهما – وفي بعض الليالي قالتا لقدار ومصدع لا سبيل لكما إلينا حتى تعقرا الناقة وتقتلاها فقالا: نعم وخرجا وجمعا أصحابهما وقصدوا الناقة وهي على حوضها فقال الشقي قدار لأحدهم أذهب فاعقر فأتاها متعاظماً ذلك وهاب منها فبعث آخر فكان مثل صاحبه حتى أرسل كثيراً منهم فكانوا يتعاظمون قتلها – فمشى إليها وتطاول فضرب عرقوبها فوقعت تركض، وكان ذلك في واد فسيح يتخلله شعب أسود بين جبلين أسودين شاهقين على شكل الهرمين، ويسمى هذه الشعب بالمزحم، وبالقرب من هذا الوادي بئر مطمورة تسمى حتى اليوم (ببئر الناقة ).الصخور المنقوشة في كل مكان من ديار ثمود تشاهد صخورا منقوشة بشكل رائع وجذاب بعضها داخل المغارات الكبيرة وجزء منها ملقى في سفوح كثير من الجبال الأثالث والجبال النصفية وجزء آخر موجود في السهول والأودية.ويقال بأن قوم ثمود كانوا يستخدمونها متكئاً مثل المساند التي نستعملها في الوقت الحالي، كما تدل النقوش التي عليها على مكانة صاحب المغارة بين القوم فبعضها منقوش بدقة وبدرجة عالية من الفن والزينة، والبعض الآخر منقوش بشكل مبسط.
منقول

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق